المشاركات الشائعة

بحث عن الفقر وانواعه

الفقر وأنواعه


بالرغم من التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدته البشرية، ورغم ارتفاع الإنتاج العالمي بشكل غير مسبوق، والتطور الاقتصادي المذهل الذي أصاب حياة ملايين البشر، فإن الفقر مازال يشكل التحدي الأكبر الذي يواجه العالم، وهو تحد مواز لتحد آخر يتمثل في عدم العدالة في التوزيع.

وخلال النصف الثاني من القرن العشرين كثر الحديث عن الفقر والفقراء في أدبيات الأمم المتحدة بالتوسّع من الظاهرة الاجتماعية في المجتمع الواحد إلى الظاهرة العالمية بتصنيف البلدان إلى غنية وفقيرة وبتحديد مقاييس ومؤشرات للفقر في مستوى البلدان وكذلك الأفراد مع مراعاة النسبيّة.

إن تطور الفقر إلى مشكلة اقتصادية استدعى من الباحثين التركيز على دراسته بشكل حثيث بخلاف الحال عندما كان ظاهرة يمكن التعايش معها. من جانب أخر إن ازدياد عدد ونسبة الفقراء في دول العالم الثالث دحض شكوك المخططين والاقتصاديين حول إمكانية قيام النمو الاقتصادي لوحده بحل مشكلة الفقر وإرجاعها إلى ظاهرة، وأكد أن أثر النمو الاقتصادي في العالم النامي لم يكن له انعكاسات واضحة على الفقراء وذلك في ظل توزيعه بطريقة غير عادلة لم تنعكس على الفقراء.

تعريف الفقر (مفهوم الفقر)

الفقر مشكلة اقتصادية عالمية ذات أبعاد وامتدادات اجتماعية متعددة، وهي ظاهرة يكاد لا يخلو منها أي مجتمع، مع التفاوت في حجمها والآثار المترتبة عليها. ومن المعلوم أن ظاهرة الفقر تتفاقم وتستشري في المجتمعات النامية التي يتآكل نموها الاقتصادي نتيجة للنمو السكاني فيها.

يختلف مفهوم الفقر باختلاف البلدان والثقافات والأزمنة ولا يوجد اتفاق دولي حول تعريف الفقر نظراً لتداخل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشكل ذلك التعريف وتؤثر عليه، إلا أنه هناك اتفاق بوجود ارتباط بين الفقر والإشباع من الحاجات الأساسية المادية أو غير المادية، وعليه فهناك اتفاق حول مفهوم الفقر على أنه حالة من الحرمان المادي الذي يترجم بانخفاض استهلاك الغذاء، كما ونوعا، وتدني الوضع الصحي والمستوى التعليمي والوضع السكني، والحرمان من السلع المعمرة والأصول المادية الأخرى، وفقدان الضمانات لمواجهة الحالات الصعبة كالمرض والإعاقة والبطالة وغيرها. وللحرمان المادي انعكاسات تتمثل بأوجه أخرى للفقر كعدم الشعور بالأمان ضعف القدرة على اتخاذ القرارات وممارسة حرية الاختيار ومواجهة الصدمات الخارجية والداخلية.

وبمفهوم مبسط للفقر يعتبر الفرد أو الأسرة يعيش ضمن إطار الفقر إذا كان الدخل المتأتي له غير كافٍ للحصول على أدنى مستوى من الضروريات للمحافظة على نشاطات حياته وحيويتها.

المعاني التي يدل عليها الفقر لغة تتلخص في النقص والحاجة. فالفقير إلى الشيء لا يكون فقيرا إليه إلاّ إذا كان في حاجة إليه لغيابه تماما أو لوجوده دون الحاجة. والمعنى السائد الذي يتبادر إلى الذهن قبل غيره هو نقص المال الذي يمكّن من تحقيق الحاجات من مأكل وملبس ومسكن... الخ. ومن المظاهر الهامة لتطوّر مفهوم الفقر في العصر الحديث، الانتقال من الحاجة إلى الشيء الغائب أو الناقص إلى غياب القدرة على تحقيق الحاجة. وهذا التحول هام لأن غياب القدرة لا يعني بالضرورة غياب الإرادة.

والرأي السائد حاليا أن الفقر شكل من أشكال الإقصاء والتهميش ومسّ بكرامة الإنسان، ومن ثمّ فهو انتهاك لحق جوهري من حقوق الإنسان يترتب عليه انتهاك العديد من الحقوق المتفرعة، والتي منها الحق في الشغل والدخل المناسب والعيش الكريم والضمان الاجتماعي والصحة، الخ. وهي حقوق اقتصادية واجتماعية أساسية. ويجري حاليا قياس الفقر بأكبر قدر من الدقة بحيث تقترب تعبيراتها من الفهم الشائع، ولكن دون أن تتطابق معه.

أسباب الفقر

أولاً : أسباب ذات مؤثرات داخلية أي ذاتية بفعل الإنسان  
 ثانياً : أسباب خارجية أي مصادر ذات مؤثرات خارجية.

 فالأسباب الداخلية هي المؤثرات الذاتية التي يسببها الإنسان نفسه أو على الأقل يتحمل جزءاً كبيراً منها. صنفت إلى أربعة مصادر:

1- العجز: وينقسم إلى ثلاثة أنواع من العاهات أو الإعاقة، وفقدان العقل، أو القصور.
2- الشيخوخة: وهي مرحلة أو طور يصل إليه الإنسان من المفترض عندما يبلغها ان يلقى مكانةً وتكريماً من المجتمع والدولة متمثلة في تأمين عيشة كريمة له، أما إن كان مجتمعه عكس ذلك فسيواجه الفقر.
3- المرض: وقسم إلى نوعين، طارئ أي لفترة معينة ثم ينتهي والآخر دائم وهو الذي لا يرجى شفاؤه، ومن الطبيعي أن الفرد إذا أصيب بمرض دائم أقعده لمدة طويلة في مجتمع غير مترابط لا تسوده أنظمة زكاة أو تأمينات صحية فلاشك أن هذا المرض سيسبب له فقراً.
4- الانحراف الخلقي: لا شك أن الانحراف الخلقي يؤدي إلى الفقر فضلاً عن المخدرات، والمسكرات، والسرقة، والجريمة...!!

من أهم الأسباب الداخلية طبيعة النظام السياسي والاقتصادي السائد في بلد ما. فالنّظام الجائر لا يشعر فيه المواطن بالأمن والاطمئنان إلى عدالة تحميه من الظلم والتعسف. ويستفحل الأمر إذا تضاعف العامل السياسي بعامل اقتصادي، فيتعاضد الاستبداد السياسي بالاستبداد الاقتصادي والاجتماعي، وهي من الحالات التي تتسبب في اتساع رقعة الفقر حتى عندما يكون البلد زاخرا بالثروات الطبيعية فضلا عن الحروب الأهلية والاضطرابات وانعدام الأمن.

أما الأسباب الخارجية: فتقسم إلى ستة مصادر:

- الكوارث: ويتفرع منها سبعة أنواع: هي البراكين، والأوبئة، والمجاعة، والتلوث، والزلازل، والصقيع، والفيضانات.
- الحروب.
- الديون.
- الحوادث.
- عابر سبيل.
- البطالة: وقسمت إلى ثلاثة أنواع وهي انقطاع أو توقف المورد المالي، وضعف المورد، والديون أو تراكم الديون وكل ذلك لاشك يؤدي إلى الفقر.

الأسباب الخارجية متعددة، وهي أعقدُ وأخفى أحيانا. من أكثرها ظهورا الاحتلال الأجنبي كما حدث في العراق بعد حصار دام أكثر من عشرة سنوات تسبب في تفقير شعب بأكمله رغم ثرواته النفطية. ويتعقد الأمر كثيرا إذا كان الاحتلال استيطانيا كما هو عندنا في فلسطين حيث تتدهور حالة الشعب الفلسطيني يوما بعد يوم وتتسع فيه رقعة الفقر نتيجة إجراءات الدولة الإسرائيلية وتدميرها المتواصل للبنية الأساسية وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية فتتحول مئات العائلات بين يوم وليلة من الكفاف إلى الفقر المدقع.

ومن الأسباب غير الظاهرة للعيان نقص المساعدات الدولية أو سوء توزيعها في البلدان التي يسود فيها الفساد في الحكم. ومن الأسباب التي لا يعرفها عادة غير أهل الاختصاص، لأنها من أخفى عوامل التفقير للبلدان النامية التي يعتمد اقتصادها خاصة على الإنتاج الزراعي وبعض الصناعات التحويلية، وكذلك الحمايةُ الجمركية التي تمارسها البلدان الغنية في وجه صادرات البلدان النامية. هذا فضلا عن عرقلة التبادل التجاري بين الدول النامية والتلاعب بأسعار المواد الأولية التي لا تستطيع تلك البلدان التحكم فيها وإنما تضطر إلى الرضوخ لإرادة الأقوى.

وأسباب الفقر عديدة ومتعددة: فهناك الفقر الطبيعي الذي لا دخل للإنسان فيه أما الفقر القهري فهو ما يفرض على الفرد أو المجتمع بفعل الإنسان نتيجة حروب أو حصار اقتصادي أو كوارث مثل المجاعة والأوبئة وغيرها، والفقر يعتبر نتيجة لسبب فالوصول إلى السبب وعلاجه فن يحتاج إلى إدارة متميزة تحقق التغيير.

أنواع الفقر

يمكن التمييز بين الفقر الثابت المتواصل، والفقر الطارئ أو الظرفي الناجم عن أزمة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية عابرة أو الكوارث الطبيعية وهو عادة ما يمكن تجاوزُه بالتضامن الشعبي والدولي، إلا أن الفرق يبقى في درجة الفقر ونسبة الفقراء في المجتمع. هناك نوعان من الفقر، اصطلح على تسميتهما كما يأتي
:

 -  الفقر المدقع.
 -
الفقر المطلق.

 -
خط الفقر المدقع: ويقصد به خط فقر الغذاء، وهو الإنفاق الاستهلاكي الذي يكون كافياً لمقابلة حاجات الطاقة الغذائية للفرد في المجتمع، ووفقاً لأحدث أساليب قياس الفقر تم اختيار فئات السلع التي تمثل النمط الغالب لاستهلاك أفقر شريحة في المجتمع.

 -
خط الفقر المطلق:  ويقصد به إجمالي كلفة سلة السلع المطلوبة لسد الحاجات الاستهلاكية الأساسية سواء الغذائية أو غير الغذائية، من سكن وكساء وخدمات صحية وتعليمية وغيرها.

ووفقاً لهذا التحديد يتضح أن خط الفقر المدقع هو ما عناه الهدف الأول من أهداف الألفية الثمانية، والذي ينص على القضاء على الفقر المدقع والجوع.

إذن إدارة الفقر والتعامل مع أنواعه وتخطي تأثيره على المجتمع والإنسان ليس بالأمر السهل. حيث تقاس الدول والمجتمعات في تقدمها بمدى قدراتها في القضاء على الفقر أو السيطرة عليه على الأقل.
إذن هناك فنون إدارية وقدرات ومهارات بشرية إذا توافرت في الإدارة الحكيمة استطاعت أن توظف الطاقات والمهارات البشرية والإمكانات في أي بلد مهما قلت موارده وكذلك استطاعت أن تضع عجلة التنمية في طريق التقدم الصحيح.

وأكبر مشكلة في العالم الثالث هي الضعف الإداري في جميع مستوياته بأجهزة الدولة وعجزه عن معرفة طاقات الأفراد ذوي الدراية بواقع التخلف لديها خاصة عجزها عن تشخيص الفقر، فأكبر مصيبة يصاب بها أي مجتمع فقير هي ضعف الإدارة.

والفقر هو نتيجة لسبب يصل إليه الفرد والمجتمع وهو حالة بؤس يفترض بعدها التغير نحو الأفضل أما التعايش معه والرضوخ له على أساس أنه أمر واقع لا مفر منه فأمر مرفوض، والتذرع بقلة الموارد أو كثرة السكان أو الجهل الشائع كل هذه سبل تلجأ إليها الإدارة العليا في الدولة في تبرير فشلها.

فهناك دول يكاد يصل موردها الطبيعي إلى الصفر أخذت إدارتها الحكيمة سبل التخطيط والعزم ومعرفة طاقاتها البشرية فسادت العالم علمياً واقتصادياً، مثل اليابان، وهناك دول طحنتها كوارث الحروب وفرض عليها فقر قهري من قبل دول احتلتها استطاعت بعدها بزمن قياسي أقرب إلى المعجزة إثبات سيادتها على العالم مثل بعض دول شرق آسيا وهناك أمثال كثيرة.

الفقر في الأراضي الفلسطينية


أظهرت المسوح التي أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أيار/ 2007 انتشار الفقر الواسع في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب وجود نسبة عالية من الفقر المدقع مما ينذر بالخطر على الرغم من المعونات الإنسانية والتنموية المكثفة للشعب الفلسطيني.

يعيش معظم الشعب الفلسطيني، بواقع 58%، تحت خط الفقر، ويعيش نصف هؤلاء، أي 30% في فقر مدقع، حيث يشير الفقر المدقع إلى الأسرة المكونة من شخصين بالغين وأربعة أطفال والتي تعيش على 1000 شيكل (205.6 دولار أمريكي) في الشهر أو اقل، أي على ما يقارب 5.5 شيكل (1.38 دولار أمريكي) في اليوم للفرد الواحد. وتعني نسبة الفقر 58% ان حوالي 2,182,000  من بين 3,762,000 فلسطينيا في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعيشون في فقر، ويعيش حوالي 1,128,600 من ضمنهم في فقر مدقع.

تعيش 70% من الأسر في قطاع غزة تحت خط الفقر، فيما تعيش 56% من الأسر في الضفة الغربية و 19% من الأسر في القدس تحت خط الفقر. كما يعيش حوالي 42% من الأسر في قطاع غزة في فقر مدقع، و 4% في شرقي القدس، اما في الضفة الغربية، فنسبة الأسر التي تعيش في فقر مدقع تبلغ 26%.
 





المراجع:

  1. أديب نعمة، أيلول 2007، الفقراء ..... رجال ونساء من بلادنا.
  2. الفقر وحقوق الإنسان، د. الطيب البكوش، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان.
  3. الفقر ... مع التنمية الكل أصبح فقيرا ... سلمان خان، باحث اقتصادي- مركز اوكسفورد للدراسات الإسلامية- انجلترا.
  4. معوقات بيانات قياس الفقر، د. محمد عبد الله الرفاعي وزارة الاقتصاد، دولة الإمارات العربية المتحدة، ورقة مقدمة للمؤتمر الإحصائي العربي الأول- عمان- الأردن، 2007.
  5. الفقر في الأراضي الفلسطينية، 2007. شؤؤن تنموية، العدد 1، تموز 2007، UNDP.   (منقول)







تابعنا على الفيس بوك

إنضم لأكثر من 680 متابع للمدونة